وكالة الغيمة الليبية للأخبار – زوارة.
مجمع مليتة للغاز الواقع في الحدود الشرقية لمدينة زوارة والمتاخم لمدن الجميل والعجيلات وصبراتة، يعرض البيئة المحيطة في كل هذه المدن للتلوث يوميا، ففي كل يوم يتم حرق كميات كبيرة من الغاز في الهواء الطلق، وجل عمليات الحرق لهذا الغاز تكون مصاحبة بغازات سامة ومميتة وشوائب عدة تؤثر بشكل مباشر وعلى المدى البعيد على بيئة المحيط وصحة متساكني هذه المناطق.
“أغلق الأبواب والشبابيك حتى أتنفس هواء نقيا داخل البيت”
“كل ليلة أغلق الأبواب والشبابيك حتى أتنفس هواء نقيا داخل البيت”هذا ما قاله “إبراهيم” من سكان منطقة (المكمن) قرب مدينة الجميل وتبعد عن مجمع مليتة للنفط والغاز حوالي (10) كيلومترات.
رائحة الكبريت التي ترتفع من أعمدة مداخن المجمع وتنشرها الرياح في الأجواء تمنع “إبراهيم” الذي يعاني أمراضا تنفسية من فتح الشبابيك. بل تمنعه من الخروج ليلاً حيث تطغى رائحة نفاذة وقوية لا يستطيع معها أن يلتقط أنفاسه.
وهذا نص رسالة قرأها مقدم البرنامج الإذاعي (العجيلات مدينتي) وتلقاها في حلقته الأولى عن الأضرار الناتجة من انبعاث الغازات من مجمع مليتة :
قصدني ربي بمرض ورم خبيث في بداية سنة (2000) وتعرضت لآلام في البطن ودم مصاحب للبراز قمت بإجراء تحاليل وفحوصات واتضح وجود مرض بالقولون وأجريت عملية لاستئصال (20) سنتيمترا تقريبا وأقوم دوريا بالكشف والمتابعة..
وفي سنة (2016) قمت بإجراء فحوصات وتحاليل بمستشفى صبراتة للأورام، كشفت عن عودة الورم من جديد، ليتقرر استئصال القولون نهائياً وربط الأمعاء الدقيقة بالمستقيم..
أما زوجتي فقد كانت حامل سنة (2009) بتوأم وتقرر لها عملية ولادة مبكرة في مركز طرابلس الطبي، رزقني ربي بثلاثة توائم مات اثنان “محمد” و”خديجة” وعاش الثالث “رائد”، وهو الآن في التاسعة من عمره ويدرس بالصف الثالث الإبتدائي، وكان سبب الوفاة حسب التقرير الطبي من المستشفى قصورا في الجهاز التنفسي والجهاز الدوري ونرفق لكم التقرير بالخصوص..
مضيفاً الأضرار لمدينة العجيلات والمناطق المجاورة والاستفادة لإيطاليا.. عندما ترفض الحكومة الإيطالية والاتحاد الأوروبي إقامة المصنع على إحدى الجزر الإيطالية، نظراً لوجود الطيور المهاجرة وحرصا على سلامتها.. إلى هذه الدرجة وصل بهم الأمر، الاستخفاف بالمواطن الليبي الذي أصبح غير قادر على أن يوفر قوت يومه، عدا أن يوفر الدواء للأمراض التي تسببها هذه الانبعاثات.
عدد رئيس لجنة مخاطر التلوث البيئي بمدينة العجيلات “عبد الخالق بلحاج” أنواع الغازات المنبعثة عن المجمع وأضرارها، في إجابته على سؤال وجه إليه في حلقة بثت على أثير (إذاعة العجيلات المحلية)ومنها:
- المواد العطرية (الأروماتيكس) منها (الكاتولين) و(الزيلين) وهي مواد سمية ومسرطنة.
- (الالكينات) مثل (الإيثلين) (البروبولين) وتسبب غثيانا وترجيعا.
- (الاكينس) مثل (البروبان) و(الآيتان) و(الميثان) مشاكل في الجلد مثل الحكة والانتفاخ.
- الجسيمات الغازية تسبب السرطان واضطرابات قلبية.
- (ثاني أكسيد النيتروجين) يؤثر تأثيرا عميقا في الرئة والشعيرات الهوائية.
- (أول أكسيد الكربون) غاز سام.
- (ثاني أكسيد الكبريت) يسبب في الربو والتهاب الشعب الهوائية.
- (كبريتيد الهيدروجين) غاز عديم اللون موجود بشكل ملاحظ في العجيلات ويشمه الناس ورائحته تشبه البيض الفاسد ويؤثر على العين والأنف ويؤدي لفقدان حاسة الشم.
وأضاف “بلحاج” أن هذه الغازات تمنع المقيمين في المناطق القريبة من شرب واستعمال مياه الأمطار التي كانت تستعمل قبل افتتاح المجمع، كما أنها تسبب الأمراض السرطانية والتشوهات الجينية والإجهاض والعقم، إضافة لتأثيرها على كائنات عدة منها النحل.
“أقل ما يمكن عمله هو تطبيق شروط العقد المبرم لإنشاء المجمع”
(قُتل ما يقارب عن (7000) شخص في يوم واحد، نتيجة تسرب ناتج عن انفجار مصنع للمبيدات في الهند..)، ضرب مختص المعلوماتية “حسين الشتيوي” هذا المثل في لقاء بثته (إذاعة العجيلات)، محذراً أن الحادث قد يتكرر في أي وقت، وأن مجمع مليتة يقع بالقرب من تجمعات سكنية ومع دراسة اتجاه الرياح وتغيراتها فكل المناطق متضررة من انبعاث الغازات التي يشعر بها الجميع طيلة (365) يوما، معتبراً أن المشكلة من الأساس تكمن في إنشاء المجمع بمنطقة كثيفة السكان وهذا يتعارض مع حقوق الإنسان.
وأضاف “الشتيوي” لابد للشركة والمؤسسة الوطنية للنفط تحمل المسؤولية الاجتماعية اتجاه قاطني المنطقة المجاورة للمجمع، وأقل ما يمكن عمله هو تطبيق شروط العقد المبرم لإنشاء المجمع.
“هل نستطيع نحن سكان المنطقة أن نأمن على أرواحنا وصحتنا وأرزاقنا”
تساؤل سكان المناطق المجاورة للمجمع جاء على لسان الباحث البيئي “عبدالمجيد عمر” المقيم بمنطقة الفريخ أقرب المناطق للمجمع.
يضيف “عمر” قائلا بسعي من أعيان المناطق المجاورة صبراتة والعجيلات وزوارة والجميل تم تكليف فريق لمقابلة الشركة بحضور عدد من المهندسين والخبراء المختصين بمجال البيئة تواصلنا مع الهيئة العامة للبيئة وأرسلت فريقا بيئيا متخصصا وخبيرا بيئيا من خارج البلاد بصحبة سيارة مجهزة وقمنا بإعداد (5) نقاط في المنطقة لقياس نسبة الغازات لمدة (15) يوما.
وأحيلت الدراسة إلى الهيئة العامة للبيئة واكتشفت الحقيقة التي كانت شركة مليتة للغاز تخفيها وجود نسب عالية للتلوث، تم تشكيل فريق لزيارة المنطقة والجلوس مع شركة مليتة في مقر الهيئة بطرابلس وناقشنا هذا الملف مناقشة دقيقة ونتج عنه برنامج عمل والتزمت الشركة بالعمل على تفعيل هذا البرنامج ولكن إلى الآن لم يتم إنجاز أي شيء مما اتفق عليه مع الشركة وأبرزها :
– غرس حزام نباتي أخضر بعمق كيلو متر جنوبا وبطول أكثر من (8) كيلومترات من الشرق إلى الغرب ولم تقم الشركة إلى حد الآن بتنفيذه.
– ألزمت الشركة نفسها بتشكيل فريق طبي عن طريق كلية الطب طرابلس ويقوم بالكشف على الحالات التي تعاني من مشامل تنفسية وأمراض الأورام وغيرها من مشاكل التلوث والكشف عن الحالات بشكل دوري ولكن لم يحدث ذلك أيضا.
– تم الاتفاق مع الشركة أيضا بضرورة تعويض المواطنين عن أراضيهم وعن ممتلكاتهم ولحد الآن لم يتم التعويض إلا عن بعض الأشياء البسيطة التي لا تذكر ولم تف الشركة بوعودها إطلاقا.
“العامل البيئي مهم جدا في حدوث السرطان”
بالنسبة للأورام السرطانية العوامل المسببة لها كثيرة لاشك أن العامل البيئي مهم جدا في حدوث السرطان ليس هذا فقط بل أمراض الجهاز التنفسي وتأثيره على الأمراض الجينية.
يشير الدكتور رئيس قسم وحدة تسجيل السرطان بالمعهد القومي لعلاج الأورام بصبراتة “وليد مسعود” لزيادة نسبة الأورام في السنوات الخمس من (2013 – 2017) إلى (6500) حالة للبالغين، فقط مقارنة بالفترة من سنة تأسيس وحدة التسجيل (2006 – 2012) عدد الحالات كانت (3000) حالة بزيادة تصل إلى الضعف.
أما عن أسباب الزيادة نحن في ليبيا تنقصنا الدراسات الدقيقة يبقى العامل البيئي كما قلت مسببا مهما جدا لحدوث السرطانات.
زيادة كبيرة لحالات الإجهاض والربو يقول الدكتور من مستشفى العجيلات العام “عصام الباشا” عن تزايد حالات الإجهاض من 40 إلى 50 حالة من سنة (2000 – 2006) قبل افتتاح المجمع إلى 250 إلى 300 حالة من سنة (2009 – 2017) أي بزيادة تساوي 5 أضعاف أو أكثر بنسبة كانت قبل افتتاح المجمع من 1.5 إلى 2 في % أصبحت 8 في % بعد 2006.
“الاحصائيات المتعلقة بالربو الشعبي زادت بمقدار عشرة أضعاف”
قبل إنشاء المجمع كانت في حدود 300 حالة سنويا وصلت بعد افتتاح المجمع إلى 3000 حالة سنويا، وفي 2014 سجلت 4000 حالة وعام 2017 سجلت 3500 حالة.
وفي استطلاع رأي لعينة من متساكني المناطق المجاورة للمجمع عددها (77) متساكنا يتراوح بعد سكناهم من (5) إلى (20) كيلومتر، عن وصول رائحة الغازات المنبعثة من مجمع مليتة للنفظ والغاز إلى مقر سكناهم والأمراض المنتشرة بينهم، والأشكال البيانية التالية توضح النسبة المئوية لنتائج الاستطلاع.
تتساوى نسب الإجهاض في المدن القريبة من المجمع حيث تبلغ نسبة الإجهاض بمستشفى الجميل العام في الفترة من سنة (2012 – 2019) حدود (9 %) لتقترب من النسب المسجلة في مستشفى العجيلات العام وهي (8 %).
“إجهاض متكرر يصل إلى خمس مرات لنساء صغار في السن”
تتحدث طبيبة النساء والولادة بمستشفى زوارة العام الدكتورة “أمال شلغم”عن حالات الإجهاض المتكرر التي تحدث في الشهور الأولى من الحمل من (8 – 10) أسابيع نتيجة خلل جيني للبويضة والحيوانات المنوية وهناك حالات إجهاض تحدث بعد الأسبوع العاشر بعد تكوين النبض للجنين هذا النوع يحدث عادة نتيجة عوامل أخرى أم تكون من آلام نتيجة أمراض معينة أو من البيئة المحيطة وأكثر أسبابه التلوث البيئي، ومن خلال خبرتي حوالي عشرين سنة طبيبة نساء حالات الإجهاض تزايدت بنسبة كبيرة ولقد شاهدنا ظاهرة ارتفاع بحجم ملحوظ لحالات الإجهاض بعد الشهر الثاني، وهذا جاء من خلال متابعتنا لحالات الحوامل بالمستشفى العام وفي العيادات خارج المستشفى وكذلك من المدن المجاورة وهذا ما جعل الأطباء دائما خائفين من حالات الإجهاض وكل حالة حمل تأتي بأعراض (TREATMENT ABORTION) حمل معرض للإجهاض مما يجعلنا دائما نستخدم أدوية التثبيت والتي لا توصف في معظم دول العالم لكن خوفا وحرصا منا.
ولتزايد حالات الإجهاض نتخذ إجراءات إضافية لكل امرأة في بداية الحمل ولا نكتفي بالأدوية المتعارف عليها مثل (الفوليك أسيد) ولكن الآن نصف معه (الأسبرين) وأدوية تثبيت، ونحن عادة نستبعد كل أسباب حدوث الإجهاض لأسباب مرضية للأم الحامل وعادة ما تأتي نساء حوامل صغيرات في السن في العشرينيات والثلاثينيات وهذا من المفترض أن يقلل من حالات الإجهاض عندما تكون الحامل صغيرة في السن والوضع الصحي جيد، وتكون نسبة الإجهاض ضعيفة ولكن خلال اثنتي عشرة سنة الأخيرة بدأت حالات الإجهاض المتكرر لأمهات صغيرات السن وليس لديهم أي أمراض بحيث يمكن إرجاع السبب إلى عامل السن أو المرض ولكن في معظم الحالات نقوم بعمل كافة التحاليل منها الجينية وتحاليل الأجسام المضادة وتكون النتائج سلبية أي أن الأم ليس لديها أسباب لحدوث الإجهاض، بينما يحدث إجهاض متكرر يصل إلى خمس مرات.
“انتظر أن يرزقني الله بطفل وفي لحظة أفقد جنيني ويتضاعف الألم”
تتحسر إحدى النساء اللاتي تعرضن للإجهاض مرتين وأم لابن معاق، مررت بتجربة الإجهاض لمرتين والحمد لله بعد ما أنجبت ولدين كان أحدهما من ذوي الاحتياجات الخاصة مما زاد من رغبتي في إنجاب أطفال آخرين ليعوضني بهم الله، تألمت كثيرا في حالات الإجهاض الأولى مقدار الألم والتعب أكثر من ألم وتعب الولادة حدث الإجهاض فأصبت بالإحباط وفي الحالة الثانية للإجهاض تأثرت كثيرا صحيح إنه قدر من الله ولكن تأثرت كثيرا بعد طول انتظار أن يرزقني الله بطفل في لحظة أفقد جنيني فيتضاعف الألم العضوي والأثر النفسي أشد والحمد لله على كل حال.
” شركة مليتة تتكتم على الأرقام والبيانات”
يكشف عضو المجلس البلدي زوارة “سمير كرشمان” أنه تم مراسلة إدارة المجمع والمؤسسة الوطنية للنفط بخصوص إفادتنا بتقرير يفيد بالبروتوكول المتبع من قبل المجمع لمراقبة التلوث وطلبنا في اجتماع مع الشركة زيارة المجمع للوقوف على هذا البرتوكول وما تقوم به المؤسسة الوطنية للنفط وشركة مليتة لمراقبة التلوث في البداية أبدوا استعدادهم لكن للأسف إلى حد الآن رغم مرور وقت لم يأتنا منهم رد ولحد الآن لم يوافونا بموعد لزيارة المجمع ولم ترد منهم أي مراسلة بذلك ونحن سنتابع الموضوع للحصول على رد منهم.
نحن في تواصل مع البلديات المجاورة وكل البلديات تشكوا من التلوث ولا يوجد لدى أي بلدية أرقام أو دراسات علمية للتلوث وشركة مليتة تتكتم على الأرقام والبيانات.
“للأسف لم نصل معهم إلى أي نتائج.. “
متأسفة بدأت عضوة المجلس البلدي السابق “زيتونة معمر”حديثها حيث تم التواصل من قبل المجلس البلدي والهيئة العامة للبيئة مع شركة مليتة للغاز والمؤسسة الوطنية للوقوف على معدلات انبعاثات الغاز والأضرار الناجمة مع كثر انتشار الأمراض التي يشك أن يكون تسربات الغاز من المجمع السبب الرئيسي، وتضيف لذلك وحسب تقديرنا إن الشركة كان من الأولى أن تلتزم بالمعايير الدولية التي تم التوقيع عليها رغم تشكيل أكثر من لجنة منها لجنة المؤسسة الوطنية للنفظ ولكن للأسف لم يتم إبلاغنا بنتائج التقارير وكل هذه المحاولات باءت بالفشل للأسف ولازالت شكاوى المواطنين تتردد على البلدية.
“شركة مليتة لم تقدم المطلوب.. “
هكذا يصف عضو البرلمان عن مدينة العجيلات “عبد المنعم بلكور” أداء شركة مليتة حول التلوث البيئي وانبعاث الغازات من المجمع، مضيفا أن مثل هذه الصناعات الاستراتيجية معروف أنه تنبعث منها بعض الغازات التي قد تتسبب في تلوث البيئة وبالتالي لابد من إحكام السيطرة واستخدام تقنيات عالية للحد من التلوث البيئي، والشركة ملزمة وفق الاتفاقيات التي جاءت عن طريقها أن تقدم تنمية بشرية اجتماعية مستدامة في هذه المناطق ولكن نحن لم نستفد من هذه الشركة إلى هذه اللحظة وهي ملزمة بجبر الضرر ومن طبيعة عملنا كنواب أن نمارس الضغط على الحكومة وإلزام المؤسسة الوطنية للنفط بما اتفق عليه مع الشركة المالكة للمجمع.
“هناك تقصير من قبل السلطات المحلية..”
يقول “فهمي الهمالي” أحد الموظفين بمجمع مليتة للغاز معترفا أن أغلب المنشآت النفطية تم إغلاقها وسببت خسائر مادية تقدر بالملايين والمليارات ورغم الضرر البيئي والإقتصادي لم يتم إغلاق المجمع واستمر المجمع بضخ الغاز طيلة السنوات الماضية حسب علمي إن شركة مليتة للغاز كانت على أتم الاستعداد لتلبية كافة الشروط المتعاقد عليها أثناء إنشاء المشروع والشركة على استعداد لإقامة الحزام الأخضر ولكن الأرض التي ستقوم بتشجيرها لم تسلم لها إلى حد الآن وهناك تقصير من قبل السلطات المحلية لمتابعة الاتفاقات والمؤسسة الوطنية وشركة مليتة بادية استعدادها للتعاون والتنمية المستدامة للمناطق المجاورة.
“وحدة معالجة المياه المصاحبة للغاز إلى حين تقاعدي لا تعمل “
رئيس قسم متقاعد بمجمع مليتة بدأ حديثه قائلاً بالنسبة لي لا أستطيع تقديم أرقام الانبعاثات ولكن أستطيع أن أخبرك عن نقطتين – هناك وحدة تسمى (LPG dryar) وظيفتها امتصاص نسبة الماء المصاحبة لـ(كوندينسيت) وكذلك التخلص من الشوائب المصاحبة والتي يطلق عليها الـ(مير كابتنس) وهي عبارة عن مركبات (السيلفر) من بينها غاز (كبيريتيد الهيدروجين – H2S) ومركبات أخرى للسيلفر والتي من المفترض في التصميم الأساسي للشركة أن تعالج عن طريق إعادة تدوير (Regeneration) لهذه المركبات، كما أن عملية إعادة التدوير أو الفصل (Regeneration ) تتم أو تطبق فقط على جزء معين من الغاز وهو القادم من منصة صبراتة البحرية والذي تبلغ نسبته حوالي 13%، أما الوحدة المخصصة والمصممة أساساً لإتمام عملية التدوير على خط الغاز القادم من حقل الوفاء فهي واقفة عن العمل أو بالأحرى لم تعمل نهائياً وبالتالي يتم حرق نسبة كبيرة من الغاز ليلاً للتخلص من الشوائب المصاحبة لهذا الغاز والتي تمثل ضرراً بيئياً كبيراً سواءً على العاملين بالمجمع أو سكان المناطق المجاورة.
النقطة الثانية المياه المصاحبة للغاز والنفط سواء من الصحراء أو من البحر يتم تحويلها إلى وحدة المعالجة ومن تم تذهب إلى البحر عادة الوحدة لا تشتغل رغم محاولة تشغيلها واستقدام شركة للغرض عندما كنت في العمل إلى حين تقاعدي لا تعمل.
“أقل قراءة عادة ما تكون قريبة من أعلى قيمة مسموح بها”
يخبرنا مهندس السلامة من داخل مجمع مليتة للغاز استحدث نقاط قياس لانبعاث غاز ثاني (أكسيد الكبريت) و (كبريتيد الهيدروجين) بعد تشغيل المجمع بإشراف شركة إنجليزية وفي أحداث 2011 غادرت الشركة ولحد الآن لم تعد إلى المجمع وتم استحداث نقاط متحركة وأقل قراءة تسجل عادة ما تكون قريبة من أعلى قيمة مسموح بها، وأعلى قراءة سجلت في منطقة الفريخ وهي قراءة عالية جدا عن المسموح بها.
دراسة علمية شملت ثلاث مدن مجاورة لمجمع مليتة للغاز (زوارة – صبراتة – الجميل) تناولت تأثير الانبعاثات الغازية على جودة الهواء في المناطق المحيطة، قام بإعدادها كل من “علي يوسف عكاشة” الأستاذ بقسم علوم البيئة البحرية بكلية الموارد البحرية الجامعة الأسمرية الإسلامية زليتن – ليبيا، و” سليمان عمر الحومدي ” الأستاذ بقسم علوم الأرض والبيئة بكلية العلوم بجامع المرقب الخمس، ونشرت في مجلة علوم البحار والتقنية البيئية في عددها (5) لسنة (2019).
أشارت الدراسة أن تركيز غاز ثاني (أكسيد الكبريت) من مداخن المجمع يصل إلى (ppm200) وكمية الانبعاث تصل إلى (248) جراما في الثانية ومن الأفران إلى (pmm 63.35) وكمية الانبعاث تصل إلى (14.22) جراما في الثانية، حسب الجدول المرفق بالدراسة.
جدول 1 : بيانات الانبعاثات التي استخدمت في المحاكاة (Al-meshragi et al., 2013)
| الوحدة | عدد المداخن | القطر – م | الارتفاع – م | تركيز الغاز PPM | كمية الانبعاثات G/SEC |
| المحرقة Incinerator | 2 | 3 | 70 | 200.6 | 248 |
| الفرن Furnace | 4 | 0.6 | 32 | 63.35 | 14.22 |
وأظهرت وصول غاز(ثاني أكسيد الكبريت) المنبعث من مداخن مجمع مليتة للنفط والغاز بتراكيز عالية نسبيا وفقا لاتجاه الرياح حيث بلغت التراكيز في مدينة زوارة من (123.9) ميكروجرام / م3 إلى (149.3) ميكرو جرام/ م3 وكانت في مدينة الجميل من (116.7) ميكروجرام / م3 إلى (128.8) ميكرو جرام / م 3 وفي مدينة صبراتة من 103.6 ميكرو جرام / م3 إلى (109.2) ميكروجرام / م3.
وخلصت الدراسة إلى وجود تأثيرات ملحوظة لانبعاثات (ثاني أكسيد الكبريت) من مجمع مليتة للنفط والغاز على جودة الهواء الجوي في المدن المجاورة لهذا المجمع، مما قد يؤثر بشكل سلبي على صحة السكان في هذه المدن، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية المتوقعة على عناصر الحياة الأخرى كالنباتات الطبيعية وأشجار الغابات.
ضعف وتهاون كبير من الجهات الرقابية المسؤولة
رغم إن القوانين الليبية للبيئة تشترط على كل منشأة أو مصنع أو معمل ينبعث منه ملوث للهواء الاحتفاظ بسجل للكميات المنبعثة وتقديمها للجهات المختصة حسب قانون رقم (15) الخاص بالبيئة الذي يعطي الصلاحية لهذه الجهات بإغلاق المنشأة إذا ثبت لها أن كمية الملوثات الهوائية تتجاوز القراءة أو المعايير المسموح بها إذا كان ذلك يعرض الصحة العامة للخطر أو تلويثا للبيئة وتشير المادة الرابعة عشر من القانون أنه يمنع إشعال النيران في المواد المطاطية والنفطية والقمامة والمواد العضوية الأخرى للتخلص منها في المناطق الآهلة بالسكان أو المجاورة لها.
ومداخن المجمع تقوم بحرق الغازات كل ساعة وكل يوم طيلة أيام السنة ولا رقيب ولا حسيب.
الحرق بين فترة وأخرى بسبب تدني مستوى الصيانة الدورية والعمرات السنوية
وفي الآونة الأخيرة تم ملاحظة زيادة عمليات الحرق ويرجع ذلك إلى تدني مستوى الصيانة الدورية والعمرات السنوية التي من الواجب تنفيذها بصفة دورية، والجدير بالذكر أن عملية الصيانة الدورية من شأنها أن ترفع من مستوى جودة العمل وتفادي حدوث أعطال مستمرة وبالتالي تفادي عمليات الإحراق لهذا الغاز المليء بالسموم والملوثات، ولكن من الملاحظ في السنوات الأخيرة أن عملية الصيانة الدورية لم تعد من أولويات شركة مليتة والشريك الإيطالي المصاحب لها، حيت تمكنا من مصادر موثوقة ومن موظفين داخل الشركة أن نستشف من كلامهم أن الهدف الأساسي للشركة وشركائها هو ضخ الغاز بدون توقف مهما كانت العواقب.
