يعاني مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعصبية بطرابلس والشهير باسم (مستشفى قرقارش) قلة الإهتمام ونقص الإمكانيات من أدوية وتجهيزات، وفي ذات الوقت يجري العمل على تنظيف وتجريف جزء من أرضه بمساحة (2هكتار) مطلة على الطريق الرئيسية بمنطقة قرقارش من قبل شركة متخصصة تحت إشراف وزارة الصحة وإدارة المستشفى وبلدية حي الأندلس بهدف تحويلها إلى حديقة ومنتزه لنزلاء المستشفى البالغ عددهم (90-95) مريضا بقسم الرجال و (35-45) مريضة بقسم النساء مع بعض المرافق وقسم للحركة.
وعلى مقربة من الأرض يوجد خزان المياه القديم المتهالك الذي يغذي كامل المستشفى بالمياه، وبحسب إدارة المستشفى فقد تم تكليف عدد من الشركات من قبل وزارة الصحة لمعاينته، واتفقت التقارير منذ أكثر من (3) سنوات على انتهاء صلاحيته وتوقع انهياره في أية لحظة.
وتم الإتفاق مع إحدى الشركات لبناء خزان جديد لكن الإتفاق مازال متعثراً بحكم عدم توقيع العقد مع الشركة من قبل وزارة الصحة.
ويقول المسؤولون بالمستشفى إن انهيار خزان المياه سيؤدي لكارثة إنسانية بسبب قربه من قسم النساء ولوقوع مولد الكهرباء والمطبخ تحته، وكذلك لقربه من قلعة تاريخية مهمة عمرها (136) سنة، مسجلة بالقرار رقم (11) لسنة (2001) بمصلحة الآثار الليبية ومسجلة أيضاً لدى اليونيسكو، حيث سيؤدي ذلك لانهيارها أيضاً، خاصة وهي معرضة حالياً للإهمال عبر السنوات وانعدام الصيانة وأعمال النظافة، وتم استحداث بناء حديث فوقها واستخدام جزء منها ضمن قسم الحركة وحفظ السيارات المخردة.
وقال الباحث التاريخي والأثري “عبد الحكيم عامر” إن اسمها (نصرتية استحكامي) أي (قلعة النصرة) وهي تكتسب أهمية إضافية كونها آخر القلاع التي كانت تشكل يوماً سلسلة من الاستحكامات العثمانية المحيطة بطرابلس إحاطة السوار بالمعصم، وتمثل قيمة تاريخية أيضاً لاستخدامها في صد الغزو الإيطالي سنة (1911) من قبل الحامية العثمانية والمجاهدين الليبيين، وكونها استخدمت كمعتقل لتجميع الأسرى الليبيين خلال فترة الجهاد ضد الغزو الإيطالي.
وأوضح مدير الشؤون الفنية بمراقبة آثار طرابلس “رمضان الشيباني” بأن التضارب بين مصلحة الآثار وجهاز إدارة المدن التاريخية من حيث الإختصاصات والمسؤوليات هو ما تسبب في ضياع الكثير من الآثار والمواقع الأثرية، عدا عن سلبية المواطن من جهة وانعدام تواصل المؤسسات المعنية كالوزارات والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات المعنية بحماية الآثار وبالموروث الثقافي والعمراني من جهة أخرى.
ويبقى السؤال موجهاً لوزارة الصحة التي تواصل العمل على تحويل أرض مساحتها (2) هكتار لحديقة ومنتزه لأجل الترفيه عن نزلاء المستشفى وتتجاهل في ذات الوقت بناء خزان مياه جديد وإنقاذ أقسام النساء بالمستشفى وقلعة النصرة الأثرية المحمية بموجب القانون من كارثة تلوح في الأفق سيسببها انهيار الخزان القديم في أي لحظة.
والأرض التي كانت مكباً للنفايات في مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعصبية تم تجريفها ضمن خطة تهدف لإزالة المخلفات وإنشاء حديقة ومنتزه بالمرافق المختلفة لنزلاء المستشفى باتفاق مشترك بين وزارة الصحة وإدارة المستشفى وبلدية حي الأندلس وبتنفيذ شركة متخصصة.
وعلى جانب آخر من الأرض يرتفع خزان المياه القديم الذي يغذي كامل المستشفى متهالكاً تتسرب منه المياه وتتهاوى بعض القطع منه أرضاً بسبب الإهمال وانعدام الصيانة، وهو مهدد بالإنهيار في أي لحظة متسبباً في كوارث أهمها قطع المياه عن المستشفى وإغراق قسم النساء وانهيار القلعة التاريخية المجاورة له والتي تعاني الإهمال أيضاً رغم أنها أثر محمي بموجب القانون.